![]() |
بناء قائمة بريدية للمدونة |
في هذا المقال سنتناول مجموعة من الاستراتيجيات الفعالة لبناء قائمة بريدية قوية لمدونتك. سنُغطي من خلاله أهمية البريد الإلكتروني كأداة تسويقية وكيفية جمع العناوين بطريقة صحيحة، والطرق التي يمكنك استخدامها لجذب الزوار والمشتركين الجدد، بالإضافة إلى كيفية الحفاظ على تفاعلهم. إذا كنت تهدف إلى تحسين نتائج مدونتك وتحقيق النجاح عبر الإنترنت، فإن بناء قائمة بريدية فعالة سيكون من الخطوات الأساسية التي يجب أن تبدأ بها.
لماذا يجب أن تبني قائمة بريدية لمدونتك؟
للوهلة الأولى قد تبدو بالنسبة لك فكرة بناء قائمة بريدية بسيطة، ولكن عندما تتعمق في مفهومها ستجد أنها من أهم الأدوات التي يمكنك الإستفادة منها لتحقيق أهدافك. أولاً يجب أن تدرك أن البريد الإلكتروني يظل من أكثر القنوات فعالية في التواصل مع جمهورك. فبينما تتعرض منشوراتك على منصات التواصل الإجتماعي لتقلبات خوارزميات تلك المنصات فإن البريد الإلكتروني يمنحك تحكم كامل في وصول رسائلك إلى المُتلقّين. بمجرد أن ينضم شخص إلى قائمتك البريدية يُصبح لديك قناة مباشرة للإتصال به بدون وسطاء.
من المزايا الكبيرة التي توفرها القوائم البريدية أنها تُتيح لك الوصول إلى جمهورك المستهدف بشكل شخصي ومباشر مقارنةً بوسائل التواصل الإجتماعي حيث تتعرض رسائلك للمنافسة مع مئات وآلاف المنشورات الأخرى، يتم تسليم رسائل البريد الإلكتروني إلى صندوق الوارد الخاص بكل شخص. وهذا يعني أن لديك فرصة أكبر لجذب إنتباه المتلقي وتشجيعه على التفاعل مع المحتوى الذي تقدمه.
أضِف لذلك أن القوائم البريدية تُساهم في تحسين العلاقات مع جمهورك. فعندما يتلقى الأشخاص رسائل بريدية ذات محتوى قيّم يترسخ لديهم شعور بالثقة والولاء تجاهك. هذا يؤدي إلى زيادة التفاعل والمشاركة، وبالتالي إلى زيادة المبيعات إذا كنت تستخدم البريد الإلكتروني لأغراض تجارية. ولذلك يُعتبر بناء قائمة بريدية قوية إستثمار طويل الأمد يمكن أن يعود عليك بفوائد ضخمة.
تحديد جمهورك المستهدف قبل بناء القائمة البريدية
من الأمور الأساسية التي يجب أن تأخذها في عين الإعتبار عند بناء قائمتك البريدية هي معرفة جمهورك المستهدف. لأن إرسال رسائل غير مُوجهة لجمهور محدد قد يؤدي إلى انخفاض فعالية الحملات البريدية بل وإلى إلغاء الإشتراكات. فِهم جمهورك يمكن أن يُساعدك في تقديم محتوى ذي قيمة، وجذب الأشخاص المناسبين إلى قائمتك البريدية.
ابدأ بتحديد اهتمامات جمهورك من خلال مراقبة تفاعلهم مع المحتوى الذي تقدمه على مدونتك. هل يتفاعلون مع مقالات عن التسويق الإلكتروني؟ هل يبحثون عن نصائح حول تحسين محركات البحث؟ أم أنهم يميلون أكثر إلى تعلم مهارات جديدة؟ معرفة هذه التفاصيل يُساعدك على تقديم محتوى مخصص يُلبي احتياجاتهم.
ويمكنك استخدام أدوات التحليل مثل Google Analytics للحصول على بيانات دقيقة حول سلوك الزوار على مدونتك. هذه الأدوات ستمنحك رؤى حول الصفحات الأكثر زيارة والمحتوى الذي يحظى بأكبر قدر من التفاعل، والأوقات التي يتصفح فيها جمهورك موقعك بشكل أكبر. بمجرد أن تُحدد إهتمامات جمهورك ستتمكن من تخصيص استراتيجيات جمع البريد الإلكتروني التي تُناسب تلك الإهتمامات.
وأيضاً يجب أن تفهم نوعية الزوار الذين يزورون مدونتك. هل هُم من المبتدئين في مجالك أم من الخبراء؟ هذا سيساعدك على توجيه رسائل بريد تتناسب مع مستوى معرفتهم واهتماماتهم. عندما تعرف من هو جمهورك ستكون أكثر قدرة على تخصيص الرسائل وتحقيق نتائج أفضل.
اختيار أدوات جمع البريد الإلكتروني المناسبة
الخطوة التالية في بناء قائمة بريدية فعالة هي اختيار الأدوات المناسبة لجمع البيانات. هناك العديد من الأدوات التي تُساعد في جمع البيانات، وكل واحدة منها تقدم ميزات مختلفة. من بين الأدوات الأكثر شيوعاً تأتي Mailchimp و ConvertKit و AWeber، وكل واحدة منها تتمتع بمميزات متعددة تُساهم في جمع البريد الإلكتروني بشكل فعّال.
Mailchimp مثلاً يُعتبر خياراً شائعاً للمبتدئين بفضل واجهته البسيطة والمزايا التي يقدمها مثل إمكانية تخصيص النماذج والتقارير الشاملة. في المقابل يُعد ConvertKit خيار مثالي إذا كنت تهدف إلى بناء قائمة بريدية لأغراض تسويقية متقدمة، فهو يُتيح لك إنشاء حملات بريدية فعالة تستهدف فئات محددة من المشتركين، وهو أمر مهم للمدونين الذين يطمحون إلى تقديم محتوى متنوع.
الأداة التي تختارها يجب أن تكون متوافقة مع تقنياتك المتبعة ومدونتك. تأكد من أن الأداة التي تختارها تتكامل بشكل سلس مع منصة التدوين التي تستخدمها، سواء كانت WordPress أو أي منصة أخرى. بالإضافة إلى ذلك يجب أن تأخذ في الحسبان عدد الرسائل التي يمكنك إرسالها شهرياً والأسعار المرتبطة بالأدوات. العديد من الأدوات تقدم خطط مجانية للمبتدئين، ولكن إذا كنت تخطط للنمو وتوسيع قائمتك البريدية، فمن الضروري إختيار الأداة التي توفر خطط مرنة.
كيف تجذب الزوار للإشتراك في قائمتك البريدية؟
بمجرد أن تُحدد الأدوات المناسبة لجمع البريد الإلكتروني، يأتي دور جذب الزوار للإشتراك في قائمتك. تعتمد هذه الإستراتيجية بشكل أساسي على قيمة العرض الذي تقدمه لجمهورك.
- واحدة من أبرز الطرق لجذب الإشتراكات هي تقديم محتوى حصري أو مكافآت صغيرة مقابل التسجيل. يمكن أن تقدم للمشتركين في قائمتك البريدية كتاب إلكتروني مجاني أو دورة تدريبية قصيرة أو حتى تخفيضات حصرية على المنتجات والخدمات التي تقدمها.
- النموذج الفعال لجمع البريد الإلكتروني يتطلب منك أن تكون واضح وصريح في عرضك. يجب أن يعرف الزوار ما الذي سيحصلون عليه مقابل تقديم بريدهم الإلكتروني. لذا احرص على إستخدام نصوص قصيرة وجذابة مثل "أحصل على دليل مجاني" أو "إشترك الآن للحصول على نصائح حصرية".
- وأيضاً لا تغفل عن المكان الذي تضع فيه نموذج الإشتراك. النماذج المنبثقة تُعتَبر من أكثر الوسائل فعالية ولكن يجب عليك استخدامها بحذر بحيث لا تزعج الزوار.
- ويجب ألا تقتصر استراتيجية جذب الإشتراكات على النماذج المنبثقة فقط، بل تشمل أيضاً أماكن أخرى مثل التذييل في المقالات، أو صفحات (من نحن) التي تحتوي على نموذج إشتراك في آخر الصفحة. تذكر أن التركيز على الدعوة إلى إتخاذ إجراء (CTA) أمر بالغ الأهمية ويجب أن يكون واضحاً في كل الأوقات.
النماذج المنبثقة وأفضل الطرق لاستخدامها
النماذج المنبثقة (pop-ups) هي أداة قوية للغاية في جمع البريد الإلكتروني، ولكن يجب أن يتم استخدامها بشكل مدروس حتى لا تزعج الزوار. النموذج المنبثق الذي يظهر عند التمرير أو بعد مدة معينة من الوقت يُعد أكثر فعالية من الأنواع الأخرى. لأن النموذج الذي يظهر مباشرة بعد دخول الزائر إلى الصفحة قد يكون مزعج، بينما النموذج الذي يظهر بعد تصفح الزائر لبعض المحتوى يُعطيه الوقت الكافي للتمحيص والتفكير في الإشتراك.
من النصائح الهامة أيضاً هو تجنب التكرار في عرض النماذج المنبثقة. إذا قام الزائر بإغلاق النموذج مرة يجب ألا يظهر مجدداً حتى يعود مرة أخرى إلى الموقع في زيارة لاحقة. وينبغي أيضاً استخدام تصميم بسيط وجذاب للنموذج المنبثق مع تركيز النص على قيمة العرض المُقدَّم.
إنشاء محتوى مخصص للمشتركين
من أقوى الأدوات التي تجعل قائمتك البريدية ذات قيمة فعلية هي المحتوى الحصري الذي لا يجده القارئ في مكان آخر. هذا المحتوى هو بمثابة مكافأة أو إمتياز يُشعِر المشترك أنه مميز وأن وجوده في قائمتك لم يَكُن عبثاً.
فكر في الأمر من زاويتين: الأولى أن المحتوى العام الذي تنشره على مدونتك متاح للجميع، أما الثانية تخص المحتوى الذي ترسله بالبريد. يجب أن يَحمِل طابع خاص، إما لأنه يُقدم معلومة إضافية حصرية أو رأي شخصي لا تشاركه علناً، أو حتى أداة قابلة للتحميل أو عرض خاص لا يُتاح لغير المشتركين.
كما يُفضل تقسيم المشتركين لاحقاً بناءً على اهتماماتهم أو ردود فعلهم داخل الرسائل لتخصيص المحتوى بشكل أعمق. فمثلاً شخص اشترك من صفحة تتحدث عن "الربح من المدونات" أرسل له محتوى يتعلق بتحقيق الدخل. أما من اشترك عبر مقالة عن "أدوات التصميم" فركز على محتوى يتعلق بالإبداع والتصميم. هذا ما يُعرف بـ التخصيص أو Personalization، وهو أحد أسرار إرتفاع معدل التفاعل المفتوح (Open Rate) في التسويق بالبريد الإلكتروني.
تحليل أداء قائمتك البريدية وتحسينها
القائمة البريدية الناجحة لا تُبنَى مرة واحدة وتُترَك على حالها، وتحتاج إلى مراجعة وتحليل دوري يُشبه إلى حد كبير (الفحص الفني) لأي مشروع رقمي. إذا كنت تُرسِل الرسائل بشكل منتظم ولم تُلاحظ تفاعل كافي، فهنا يأتي دور التحليل. ابدأ بتتبع أهم المؤشرات:
- معدل الفتح (Open Rate): هل يفتح المشتركون رسائلك؟ إذا كانت النسبة ضعيفة فربما العنوان غير جذّاب، أو وقت الإرسال غير مناسب.
- معدل النقر (Click Rate): إذا فتح المشترك الرسالة لكنه لم ينقر على الروابط، فقد تكون الرسالة فقيرة بصرياً أو غير مُشجّعة.
- معدل الإلغاء (Unsubscribe Rate): إذا لاحظت عدد كبير من المشتركين يغادرون، فهذا مؤشر خطير على أن المحتوى لم يَعُد جذاباً أو مفيداً.
بناءً على هذه البيانات يمكنك إختبار أنماط مختلفة من العناوين وأنواع المحتوى وأوقات الإرسال (A/B Testing). ولا تنسى أن تسأل جمهورك بشكل مباشر أحياناً عن "نوع المحتوى الذي يرغبون في تلقّيه مستقبلاً؟" عبر إستبيان بسيط. هذا يُعزز العلاقة ويُشعِر المُشترك بأنه شريك في التجربة، لا مجرد رقم في القائمة.
الحفاظ على تفاعل المشتركين وعدم فقدهم
أصعب مرحلة ليست في جلب الإشتراكات، بل في الحفاظ على تفاعل المشتركين لأطول فترة ممكنة. فالمشترك الذي لا يفتح رسائلك أو يتجاهلها أو يُلغي اشتراكه لاحقاً، يُعتبر خسارة كبيرة تؤثر على جودة قائمتك بالكامل.
- لا تُرسِل رسائل بريدية فقط لأنك مجبر على ذلك أسبوعياً، بل ارسل عندما يكون لديك ما يستحق. وفي نفس الوقت لا تجعل أسلوبك جاف أو تسويقي بحت.
- تحدث بأسلوب شخصي وكأنك تُراسل صديقاً مهتماً بنفس المجال.
- أضِف بعض القصص أو المواقف الواقعية، وكُن شفافاً في عرض تجاربك أو أخطائك، فذلك يُعزز الثقة ويزيد من معدل الردود والتفاعل.
- وأيضاً لا تُهمل سلاسل الترحيب (Welcome Series) التي تُرسَل تلقائياً للمشتركين الجدد. فهذه الرسائل الأولى تُشكِّل الإنطباع الأساسي، وإذا كانت مشوقة وملائمة سترفع من نسبة التفاعل في المستقبل.
- وأيضاً لا تخاف من تنظيف قائمتك من المشتركين غير النشطين بعد فترة من الزمن، لأن هذا يُحسِّن من أداء الإرسال ويزيد من دقة التحليلات ويُعطيك صورة واقعية عن جمهورك الفعلي.
الخاتمة
بناء قائمة بريدية فعالة لمدونتك ليس مجرد إجراء تقني تضيفه في الهامش، ولا هو وسيلة لجمع الأرقام فقط. إنها خطوة استراتيجية عميقة تُمهِّد لعلاقة طويلة بينك وبين جمهورك. الأشخاص الذين يمنحونك بريدهم الإلكتروني يفتحون لك باب نحو عقولهم واهتماماتهم وربما حتى إلى محافظهم، إن أحسنت التعامل معهم.
كل إشتراك جديد هو بمثابة صوت يثق بك ويريد رؤية المزيد من محتواك. فلا تخذل هذا الصوت. قدِّم لهم القيمة وكُن حاضراً في صناديق بريدهم كما لو كنت ضيفاً مُرحَّب به وليس كرسالة مزعجة تنتظر الحذف. وتذكر دائماً أن نجاحك في التسويق عبر البريد الإلكتروني لا يُقاس بعدد المشتركين فحسب، بل بمدى تفاعلهم وولائهم، وتحويلهم إلى داعمين فعليين لمحتواك أو خدماتك أو حتى مشاريعك القادمة. 💌
▪️ندعوك لقراءة دليلنا الشامل عن التسويق عبر البريد الإلكتروني.